البيانات المفتوحة والديمقراطية الإجتماعية

التحدّيات التي تواجه مسألة التّحديث الدّيمقراطي للنشاط العام في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والسياسية.

وثيقة عمل – الصيغة الأولى: ماي 2018

تحميل نسخة كاملة من الملف PDF

تحيل مسألة الإنفتاح المدروس على البيانات العامة على رهان أساسي يكمن في تنسيق أنشطة مختلف الأطراف الفاعلة و تجاوز الاختلافات. نعتقد أنّ بناء فضاءات وأوقات للنّقاش على أساس تقاسم المعرفة حول العالم المشترك وتحديدا حول تمثّلات طبيعة الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والبيئي والسياسي  هو ما ينبغي القيام به أوّلا و قبل كل شئ في توجيه سياسة مدروسة للإنفتاح على البيانات . المجتمع التونسي، كغيره من معظم المجتمعات المتقدّمة أو المجتمعات النّامية (بالمعنى الدّولي للمصطلح) محكوم في جزء منه بالأرقام. لكن عن أيّ طبيعة مجتمع نتحدثُ أو بالأحرى إلى أي نوع من المجتمعات الآخذ في التّطور نُحيل؟ نحن لا ندّعي الإجابة عن هذا السؤال ، ولكنّنا نحاول تحديد بعض العناصر الأساسية التي يمكن أن تساعدنا على إستلهام ما نعتقد أنه مهمٌ لخوض مناقشات عامة مستنيرة بالأرقام. يمكن ملاحظة النماذج القياسية المختلفة من المجتمعات على المستوى الهيكلي، من منظور الموقع الذي يحتله تبادل المعلومات و تحديدا البيانات الكميّة فيها.

إعتمادا على هذا التصميم، يمكن للمجتمع أن يُضبطَ في المقام الأول حسب الأرقام دون أن تتقاسم فيه السّلطات القائمة البيانات، وبالتّالي فهي تترك للمجتمع السجل الوحيد للتقديرات التجريبية والفرديّة للأحداث والحالات. يتعلّق الأمر إذن بمسارين إثنين قُصوَيَين تتوسَّطُهما مجموعة من الاحتمالات ( كما يبيّنه الجزء الأعلى من الرسم البياني أدناه).

ثمّة في أحد الطرفين أنظمةُ إختزان للمعلومات الكمّية أُعدّت لغرض وحيد وهو المراقبة وخدمة مصالح الأحزاب الحاكمة. في هذه الحالة، يتم الاحتفاظ بجهاز البيانات و إحتكارها إلى الحد الأدنى الضروري من أجل تحقيق مصالح السلطات القائمة و إرضائها، وبالتاّلي تصبح الدّولة جهازا ضعيف الإرتباط ولا يمت بصلة لحاجات المجتمع. وفي هذه الحالة، تغدو العدالة الاجتماعية عدالة السلطة التي تتملّكها كليّا.

في الطرف الآخر، توجد الحوكمة بالأرقام بمعنى المنافسة اللّبرالية المتطرفة حيث تكون أي علاقة أو معاملة، بما في ذلك الثقافية والاجتماعية، هدفا للسوق ورهينة تضارب المصالح. وفي هذه الحالة، تُختزل العدالة الاجتماعية في التحكيم بين مصالح الفاعلين.

أو،في مستوى ثان ، يمكن حوكمة المجتمع إستنادا إلى الأرقام من خلال إتباع منهج تبادل المعلومات وتقاسم البيانات. يمكن في نفس المجال تحديد نقيضين تتوسَّطُهما مجموعة واسعة النّطاق من الاحتمالات (كما يبيّنه الجزء الأدنى من الرسم البياني أعلاه).

في أقصى الرّسم، ثمّة مجتمع تظبطُه مجموعة من المؤشرات الكمية فقط للسبب المنصوص عليه كأساس منطقي  وحيد و هي المؤشرات الاقتصادية والمؤشرات الاجتماعية  و غيرها،  ويقصد بذاك مجتمع مبني على تخطيط عقلاني قصووي، حيث  تخضع فيه  العدالة للأهداف  التي يرسمها التّخطيط وتحدّده مؤشراته.

في الطرف الآخر نجد مجتمع الخطاب والنقاش الملتزم بإنتاج تمثّلات مشتركة للواقع، يعني مجتمع المعرفة حيث تتسم العدالة الاجتماعية بالتداول المشترك وتقوم على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسيّة.

 *****

يمثل تقاسم قاعدة مشتركة من المعلومات والبيانات عن حالة المجتمع جوهرَ عملية الإصلاح في مجتمع يتقدم نحو المزيد من المساواة والانصاف وذلك من خلال توفير الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية المناسبة للعملية الانتقالية. يصبح من الضروري إذن الجمع بين الإرادة في إجراء الإصلاحات والمطالبة بتوفير الضمانات.

و إن كنا نفكر من منطلق تجهيز النقاش العام بنظام للإحصائيات العامة يسمح للمجتمع بمعرفة ذاته و بتغييره من خلال تعبئة أشكال الحكم الديمقراطية يتبادر السؤال حول المحددات الرئيسيّة التي يجب أن يستند إليها نظام الإحصائيات هذا ؟ أو بعبارة أخرى، ما هي المهام  الرئيسية التي ينبغي أن يظطلع بها هذا النظام المعلوماتي بغية تجهيز العلاقة القائمة بين المجتمع وعملية الإصلاح؟

لقد أدرجنا ستّ وظائف بالغة الأهمية لتكوين جهاز إحصائي مفتوح، وهي كالآتي:

  • ضمان إمكانية القابلية للتنبؤ والتوقّع التي لا يمكن تأسيس الثقة العقلانية بدونها (فقرة1)
  • إفادة التقاريرعن الضمانات والحمايات (فقرة 2).
  • تحليل الفوارق و حالات اللامساواة والاقرار بتعدد طرائق العيش و أساليب العمل داخل المجتمع. (فقرة 3).
  •  قياس حالات التمييز والتفاوت، وبشكل أعم فهم سيرورة التفرقة الاجتماعية (فقرة 4).
  • تقديم العلاقات الجماعية المتعلقة بالمحيط وبالثروات الطبيعية، بمعنى العلاقة بالمشترك غير الإنساني ( فقرة 5).
  • تحليل الديناميكيات الجغرافية ودور السلط المحلية (كالجماعات المحلية المنتخبة حديثا) وليس تحليل دور السلط المركزية فقط. ( فقرة6)

1- إمكانية التنبؤ والثقة

لا تندرج مسألة التوقّع في مجال المعتقدات، بل هي مشكلة معرفيّة وتمثلات مشتركة للواقع وإشكالاته. فمن ناحية، يمكن ان يأخذ الفعل المشترك شكل التعددية، أي الإلتزام بإدراك قواعد النجاح الراهن أو الممكن و شروطه، وهو على نحو ما ينطبق أيضا من ناحية أخرى على الإصلاحات التي يمكن أن يتمّ تقريرها بطريقة تعدّدية.

الثقة الضرورية لتنمية منصفة هي رهينة بتقاسم المعرفة، على الأقل فيما يخصّ المسائل التالية:

  • البنية التحتية الديمغرافية والترابية والاقتصادية وإنتاجاتها وأنماط الإنتاج ومواردها الطبيعية،
  • التحولات الاجتماعية (الأُسر، تشكّل العائلة، الانتقال الاقتصادي /الإرث والعلاقة بالملكية بما في ذلك ملكيّة السكن والأرض، وغيرها)،
  • قياس آثار السياسات العمومية والقوانين،
  • أثر التغيرات التكنولوجية والاجتماعية وتوزيع وسائل التواصل والتحرك والثّقافة
  • العلاقات الاقتصادية الداخلية (بين الجهات) والخارجية (مع أجزاء أخرى من العالم).

2- الحماية والضمانات

ليس ثمّة في جوهر السياسة تنمويّة، القواعد القانونية التي تحدد الإمكانيات وحدود الفعل في العالم المشترك فحسب ، بل ثمة كذلك الحماية والضمانات الجماعية التي تكفلها المجموعة، وذلك يعزز الجهد الذي يوفره كل شخص:

  • من  مجال حرّيته وظروف عيشه والميزات المشتركة للعالم؛و
  • يحميه من المخاطر المرتبطة بنشاطه أوالناجمة عن التحولات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية والاداريّة، أو يوفر له الحماية الجماعية ضد المخاطر الطبيعية (مثل الجفاف وسوء الأحوال الجويةإلخ…).

يستلهم النموذج التونسي لنظام الحيطة الاجتماعية بشكل كبير من النماذج  المعمول بها في أوروبا الغربية والتي برزت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.

في يومنا هذا لا ينسحب نظام الحماية الاجتماعية التي تضطلع به المؤسسات المعنية (CNSS,CNRPS,CNAM) إلا على جزء محدود من العمّال وعائلاتهم، مما سبب نشاط جزء كبير من السكان في القطاع الموازي الذي لا يساهم في منظومة الحيطة  الاجتماعية و يعمل خارج مجال العمل الرسمي وبالتالي يظلّ خارج نطاق الحيطة الاجتماعية سواء كانت فرديّة أو تهمّ العائلات.

في حين أن الفرق بين المتمتعين بالحماية والمحرومين منها يثير إشكاليات تتعلق بالإنصاف والتلاحم الاجتماعي، فان الزيادة في مستوى المساعدات الاجتماعية في سياق انخفاض الأجور لا تشجّع على العمل في قطاع العمالة المعلنة.

من أجل إثراء نقاش عام مستنير بشأن هذه المسائل، من الضروري توفير جهاز إحصائي عمومي وصفي سهل النفاذ بالنّسبة لأكبر عدد ممكن من الناس، في شكل سلسلة سنوية، مفصّلة تخص مختلف المناطق والجهات تنطوي على  ما يلي:

  • في مجال العمل والنشاط الاقتصادي: حسب قطاع النشاط، حسب المجال الريفي أو الحضري، مكانة الرجل والمرأة،  حسب إختلاف الأجيال ، وفقا لحالة العمالة (نوع عقد العمل)، المؤهلات (الفئة المهنية الاجتماعية، مستوي الشهادة، الخ)، الأجور (الجدول الزمني، شهريا، سنويا)، حجم ساعات العمل السنوية، نوع المنظمة – المؤسسة (خارجية، تونسية، الخ)، الخدمات العامة، المجتمعات المحلية، المؤسسات الحكومية، الجمعيات، المزارع، الخ. حجمها (قوة العمل)، الحسابات الاجتماعية المبسطة لمؤسسات القطاع الخاص (بما في ذلك الجمعيات) ومؤسسات الدولة أو المماثلة لها قانونيا، مجال النشاط والمجال الترابي الفعلي للانتصاب، الأصول والخصوم والعائدات والإيرادات والمشتريات وكشوف المرتبات والضرائب ورسوم الأجور المسدّد عنها اشتراكات للضمان الاجتماعي والاستثمارات في شكل إحصائيات مبسطة للميزانية، فضلا عن حصة العملات الأجنبية داخل البلاد وخارجها (الصادرات والواردات).
  • نظام الضمان الإجتماعي والحيطة الاجتماعية (الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية،  منظومة المساعدات  لفائدة العائلات المعوزة، منظومات المساعدات الأخرى) و الصحية (الصندوق الوطني للتأمين على المرض، الصندوق العام للتعويض)

3- تعددية العالم المشترك والإقرار بالخبرة الجماعية والفوارق

، لا تحقيق لتنمية إلا حين تسمح المنظومة الاجتماعية بعملية الفعل التّداولي (مع هامش متزايد من الحرّية) وبمستوى كاف من اليقين بأن الفعل المشترك بين الأطراف يسمح بالرفع من جودة العالم المشترك.

لا تجد عقلانية المساواة والقانون معنى لها، إلا حين تنعكس في التجربة الحياتية للعالم وحين تقوم الطريق المؤدية إلى استبطان أساليب جديدة للحياة والفعل قائمة على الثقة في القواعد والضمانات الجديدة.—————-

*/*-

ما هي البيانات العمومية المطلوبة على المدى القصير بشأن هذه المسائل؟

  • ظروف السكن والتجهيزات الأسريّة: نوع المسكن، طبيعة إستغلال المسكن (مسوّغ، مالك، مستضاف مجانا)، تكوين الفضاء (حجم المدن والقرى)، عدد الغرف، عدد الأشخاص، تجهيز ومعدات المسكن (المرافق الصحية، النفاذ إلى المياه، المَركبات، التلفزيون، الحاسوب، الهواتف إلخ…).
  • أنماط المعاشرة والتّعايش (العدد، والسن، والجنس، والحالة المدنية للأشخاص الذين يكونون الأسرة) و كذلك عدد الأسر التي تعيش في نفس المسكن.
  • النشاط المنزلي: عدد الأشخاص ذوي دخل وفقا لنوع النشاط أو المهنة، فترة العمل الشهرية والسنوية مدفوعة الأجر فعليا، تمتع أفراد الاسرة بالحماية الاجتماعية من عدمه. أشكال الإعانة الاجتماعية أو الرعاية الصحية ومقدارها، ارتباط المنزل بالنشاط الاقتصادي للأفراد المسؤولين عن الأسرة (فلاحون وحرفيون) من عدمه، تمدرس الأطفال (حسب العمر)، وضعية الشباب الراشدين المقيمين في المنزل
  • والشهائد المتحصلين عليها.
  • الإيرادات بما في ذلك الدخل المتبقي لكل وحدة استهلاك بعد خصم  معلوم الإيجار والضرائب والرسوم الثابتة. يتكوّن الدخل من دخل العمل، و من التحويلات الاجتماعية أو المالية، و من إيرادات رأس المال.
  • المدّخرات والممتلكات المنزلية.
  • مؤشرات الاستهلاك وأعباء الأسرة.
  • المؤشرات المتعلقة بالتركيبة الغذائية و إمدادات التغدية.
  • المؤشرات الصحية للسكّان.
  • ديناميكيات التجميع أو التصنيف أو أعادة التشكل الاجتماعي في المجال الرّيفي أو الحضري: أقدمية الاسقرار، مكان الاقامة السّابق، مؤشرات النقلة ومغادرة الأطفال للسكن (الجنس، سبب المغادرة، السن عند المغادرة، مؤشرات القرب أو المسافة، نوعية الوجهة: ريفية حضرية /قرية/بلدة/مدينة متوسطة/مدينة كبيرة).
  • الإحصائيات الموجهة لمنظومات وإجراءات مكافحة البطالة (التدريب، تربص إعداد للحياة المهنية،SIVP  المساعدة على إستحداث نشاط و تطويره، الإجراءات المحفزة على التشغيل، إلخ…)
  • المطالبات والنزاعات والحركات الاجتماعية ذات العلاقة بالعمل والنشاط الاقتصادي والظروف المعيشية.

4- التمييز : عدم المساواة والتمييز  الاجتماعي

غالبا ما تُصنّف المسائلُ الآتي ذكُرها ضمن”القضايا المجتمعية”

  • مطالبة المرأة بالمساواة، التي تبدأ بممارسة حقها وبحكم القانون في الفعل الفردي والجماعي الحرّ مع التمتع بتدابير الحماية المناسبة وذلك في علاقة بجميع مجالات الحياة الاجتماعية المؤسسية والاقتصادية والثقافية.
  • مطالبة الأشخاص ذوي الإعاقة بحقهم في العيش الكريم أي عدم الإقتصار على الأعمال الخيرية والفضاءات الاجتماعية والمهنية والغير مادية.
  • مطالبة الناس وبموجب القانون بالعيش الحر بهوية جنسية تعدّ مبتدعة و هرطقية  .
  • مطالبة المهاجرين بالاحترام وبالحقوق المدنية والإنسانية المطابقة لسيادة القانون والاتفاقيات الدولية
  • بشكل أعم، مطالب جميع الموصومين لأسباب واقعية أو مفترضة بعدم إخضاعهم لتدابير انتقامية تُفرض عليهم وبشكل عنيف في نطاق ممارستهم لنشاطهم اليومي من قبل مجموعات متسلّطة.

نؤيد في سياق هذا المنظور مأسسة نشر الإحصائيات العمومية التي تحفز اليقظة المواطنية والقانونية فيما يتعلق بالتقدم نحو سيادة القانون للجميع.

على هذا الجهاز الإحصائي أن يشمل بالخصوص:

  • الشكاوى وتبعاتها من حيث التمييز أو المعاملة غير المتساوية، القائمة على أساس الخصائص الشخصية المزعومة مثل الجنس والسن والحريات الجنسية والفوارق الإثنية والعرقية والانتماء إلى مجموعة محلية أو رأي معين أو  الإعتقاد في دين معيّن.
  • الاحكام والإجراءات الإدارية التمييزية فضلا عن الاحكام والتدابير الإدارية المناهضة للتمييز (مسألة الضمانات التي ينص عليها القانون من أجل تطبيق إيجابي للفقه القضائي)؛
  • القوانين والانظمة التي تتضمن عقوبات وتدابير قمعية متكررة بسبب غياب الإجراءات الوقائية المرتبطة بالإجراءات القانونية لتسوية الوضعيات (المهاجرون مثلا).

-*/

5- في العلاقة بالبيئة والصحة والموارد الطبيعية

في تونس، كما هو الشأن في العديد من الاقتصاديات الوطنية التي تقوم بأنشطة مدمّرة ممنوعة في البلدان المهيمنة اقتصاديا، يبدو لنا أن حلّ المعضلات التي تثيرها هذه المسألة يمثّل بالتأكيد مفتاح تجاوز التناقض ” الموت في العمل مقابل الحصول على وسائل العيش”  وعواقبه المتكررة في تونس “الموت المبكر في المنزل جرّاء الآثار المدمرة للنموذج الإنتاجوي الحالي على المحيط الطبيعي وعلى الصحة”. مثال قابس والحوض المنجمي وصفاقس وقفصة نتيجة الصناعة الإستخراجية  للفسفاط أو في قصيبة المديوني نتيجة الفضلات الكيميائيّة الصناعية لقطاع النسيج.

ثمة كذلك مسألة الإدارة الديمقراطية لللأولويات ومشروع التنمية المشكوك فيه خصوصا في سياق تمظهرات التغير المناخي ومختلف أوجه عجز السياسات العمومية في مواجهته على نحو مستدام:

  • تفاقم الإجهاد المائي الذي يُسبّبه الاستغلال الفلاحي والصناعي للماء.
  • ارتفاع درجات الحرارة التي تؤثر في  ظروف العيش داخل المنازل الريفية والفضاءات الحضرية غير المهيأة،
  • تقادم التكنولوجيات وظروف العمل في مجالي الأشغال العامة والفلاحة وغيرها.
  • غياب استراتيجية  تَكفلُ الأمن الغذائي وتقوم على الحفاظ على التربة والمياه الجوفية [15] ، مما يسمح بتنمية المحاصيل الغذائية المحلية التي تستخدم التكنولوجيات الإيكولوجية المتطورة للغاية خدمة للبرامج الفلاحية المكثفة والموجهة نحو التصدير و المؤدية إلى نتائج عكسية من حيث التنمية المحلية.
  • مأزق اقتصادي وإيكولوجي لسياسة طاقية [16] تستند على الاستغلال الحصري للمحروقات وعلى تصوّر احتكاري للإنتاج والتوزيع (غياب آفاق تطوير وحدات إنتاج محلية مترابطة بواسطة شبكة مشتركة تمكّن من ربط الإنتاج الطاقي باقتصاد مستدام مؤسَّس على  تطوير مشاريع محلية تُدمج الجماعات المحلية في البئية الإنتاجية، إضافة إلى ضمان التأمين الطاقي لكل السكّان والأنشطة). 
  • غياب المعلومات المنتظمة والموحّدة حول الحالة الصحية للبيئة الريفية والحضرية والترابية والمائية والجوية وذلك على المستوى البيولوجي والجيولوجي والاجتماعي والحيواني والنباتي.

يبدو من الضروري وضع منظومة للمعلومات الاحصائية واتخاذ القرارات تقوم على  عنصرين إثنين:

مكون تشريعي يتألف من حكمين أساسيين:

  • الالتزام ضمن شروط اعتماد أي مشروع، استثمار أو تدبير تنظيمي أو تشريعي في المجالات المذكورة، بإجراء دراسة شاملة للأثر الايكولوجي. إذ لا تقتصر أي دراسة للأثر  على مسألة التأثير المباشر للمشروع أو للتدابير المعتمدة، ولكنها تقيّم كذلك أثر المشروع من حيث مساهمته في السياسة العامة للانتقال الايكولوجي (كيفية مساهمة المشروع أو التدبير المقترح في تحسين التوازن الايكولوجي العام وفي استدامة نموذجه الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ؟)
  • الحاجة إلى إدخال مبدأ الاحتياط في القانون التونسي.

مكوّن عملي للبيانات المفتوحة: تقتضي عملية فتح البيانات إعداد منظومة لإنتاج البيانات الإحصائية حول مختلف المجالات المذكورة سابقا و نشرها وذلك في شكل حصيلة بيئية وإقتصادية وإجتماعية (علي سبيل المثال حصيلة الموارد الطبيعية المشتركة، شروط تجديدها، الكشوفات الكمية والوصفية والمالية للمؤسسات العمومية والبرامج المنفذة. ينسحب هذا على مختلف البيئات التي تواجه تحديات كبيرة).

6- الديناميكيات الترابيّة ودور الجماعات المحلية

لامركزية المؤسسات في الجماعات المحلية خطوة هامة نحو تطبيق الحقوق السياسية الجديدة في تونس، وبإمكاننا تحديد مسألتين رئيسيتين من أجل إنجاح مسار طويل المدى للّامركزية:

ينطوي الرّهان الأول على انفتاح الجماعات المحلية على المشاركة المواطنية في المراحل الثلاث لبناء السياسات العمومية وهي صياغة الرهانات وتقديم التصورات انطلاقا من الأجوبة المقدمة من قبل الجماعات الجديدة وكذلك متابعة نشاطات المنتخبين، ويفرض ذلك إتاحة البانات المتعلقة بالميادين التالية:

  • الميزانيات العمومية ومؤيدات قرارات الميزانية ومتابعه التنفيذ والتقييم الديمقراطي لسبل تسيير العمل المقرر ونتائجه ؛
  • الملفات الدراسيّة الأولية والمعايير  وملخص العروض  وملخصات مداولات لجان المناقصات ؛
  • التضامن، والحياة الاجتماعية والثقافية والإسكان والتخطيط الحضري وسياسات الخدمات (الفئات ذات الحقوق أو المستفيدون من المساعدة الاجتماعية  وقطاعات مثل الثقافة والتضامن وغيرها)
  • فضلا عن تعزيز النقاش لدعم الأولويات وتقييم الآثار يعني جميع البيانات الاحصائيه العامة التي سبق ذكرها والتي نشرت هنا وعلى وجه التحديد على المستوي الجغرافي الأدنى مثال العمادة.

إذا كانت هناك ضرورة ملحة أيضا على مسألة توافر معلومات عن عمل الجماعات المحلّية للمواطنين، فضلا عن السياق الاجتماعي والاقتصادي والديمغرافي والحضري والإيكولوجي، فيجب إتاحة معلومات إحصائيّة تمكن من المقارنة مع الجماعات الأخرى بشأن هذه الخطط المختلفة.

يتعلق الرهان الثاني بنفاذ الجماعات المحلّية والمواطنين إلى البيانات العمومية التي توجّه مجالات الفعل العمومي والتي تنطبع فيها الجماعات المحلية بحالة التبعية للإدارات العامة اللامحورية للدولة، حيث يمكن ترجمة ذلك من خلال شكلين أساسيين:

التبعية من خلال إحتكار البنية التحتيّة: سيطرة الدولة على البنية التحتية والموارد المالية والبشريّة من قبل إداراتها اللامحوريّة أو السلطات الترابية رفيعة المستوى: النقل والبنية التحتية وموظفو الهيئات الرئيسية (التعليم والأمن والخدمات الحضريةو غيرها) والنظافة وتطوير شبكات التطهير إلخ…

التبعية من خلال إحتكار المعلومة: يعني كلَّ ما يتعلق بالسيطرة على البنى التحتية الخاصة بتجميع ومعالجة المعلومات الهامة لعملية التخطيط والتي تحتكرها الأجهزة اللامحوريّة.

و عليه نستنتج الحاجة إلى سياسة عمومية للنفاذ للمعلومات وتقاسمها وتثمينها. كما تدعو الحاجة إلى عملية هيكلة هذه السياسة حتى تتمكّن من مواكبة النجاح طويل المدى للامركزية. إذْ من الضروري أن تستند في أدناه  على الآليات التالية:

  • نفاذ الجمهور إلى المعلومات: لا فقط المعلومات الاحصائية المتعلقة بالسكان والمساكن والنشاط الاقتصادي (نقصد بذلك جميع البيانات التي سبق ذكرها والتي يجب نشرها على المستوي الجغرافي التحت بلدي مثل العمادة).
  • تنظيم التمثيل الترابي التشاركي للمواطنين، وذلك بتكليف من الفاعلين في المجتمع المدني داخل البلديات و في هيئات التخطيط وكذلك في كل الهيئات العليا (اللجان التوجيهية لسياسات التنمية الترابية والأجهزة الاقليمية وبرامج الاستثمار أو المعدات .وغيرها) والّتي تتعلق سواءًا بتخصصات البلدية أوبتعبئة مواردها
  • تدريب مهارات المواطنين حول اللامركزية والحياة العامة البلديّة .
  • وضع سياسة ماليّة على المستوي الوطني وتمكن من دعم مشاركة الجمعيات والمواطنين  والقائمات الأقليّة .
  • وضع سياسة ماليّة على المستوي الوطني وتفويضها (دون المرور عبر البلديات) لدعم مشاركة الجمعيات والمواطنين  والقائمات الأقليّة.